الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

عبدالرحمن الكواكبي الناقد الأشهر للاستبداد - نستذكره بعد اعلان مرسي






بين خطبة "البتراء" الشهيرة لزياد بن أبيه في بواكير العصر الأموي وخطبة الحجاج الشهيرة في الكوفة عن "الرؤوس التي حان قطافها"، حتى الدماء التي يسفكها العقيد معمر القذافي في ساحات ليبيا، وقبله عشرات الطغاة العرب، لا تزال الأمة أسيرة سياق يعيد إنتاج المستبد المتسلط والملك العقيم.

ومنذ اصطلاء الأمة بنار الاستبداد وهي تحاول عبر نخبها الثقافية والفقهية فك لغزه والخلاص منه وتنسم هواء الحرية، سواء في الإطار الثقافي أو في الخروج على المستبد.
وحين يئست نخبة الأمة في بدايات ما يسمى "عصر النهضة" من تحقيق أنموذجها في السياسة والحكم، ورأت أن الفجوة تتسع بينها وبين الآخر، رفع بعض دعاة نهضتها -في صرخة يأس- شعار "المستبد العادل " خيارا أخيرا ويائسا من تحقق "الديمقراطية"، أو الشورى الملزمة، بيد أن الممارسة السياسية العربية عبر تاريخها، كانت فقط ماكينة لتفريخ نموذج المستبد المتسلط.
وحده كان عبد الرحمن الكواكبي (1854- 1902) ومن بين قلة، يضع يده على جرح الأمة الفاغر منذ أبي العباس السفاح والحجاج، مقررا أن الداء يكمن في فساد السياسة وإنتاج المستبد، و"أن الخلاص إنما يكون في الشورى الدستورية". مبكرا، نبه الكواكبي في كتابه الشهير "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" إلى أنه "يلزم أولا تنبيه حس الأمة بآلام الاستبداد، ثم يلزم حملها على البحث في القواعد الأساسية للسياسة المناسبة لها بحيث يشغل ذلك أفكار كل طبقاتها".
ولعل واحدة من المصادفات التي يتم فيها اليوم استدعاء الكواكبي هو أنه قد ألف كتابه أثناء زياراته لمصر التي تشهد حاليا ربيع ثورتها على الاستبداد الذي قدم تشريحا له. كان ذلك مطلع القرن العشرين، حين كان المستبد التركي على بعد عقدين أو أقل من لفظ أنفاسه الأخيرة في المشرق العربي تاركا الساحة للمستبد الغربي.
لم ينشغل الكواكبي كثيرا بالمنظومة الثقافية التي تنتج المستبد، بل توجه ناقدا إلى هذه الآلة الاستبدادية وهي تفعل فعلها العجيب في امتهان المحكومين وتحويلهم إلى قطيع، يجب أن يسمع، وأن يمتثل لأوامر المستبد والذي -حسب الكواكبي- "يتحكم في شؤون الناس بإرادته لا بإرادتهم، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المتعدي فيضع كعب رجله على أفواه الملايين من الناس يسدها عن النطق بالحق والتّداعي لمطالبته

ليست هناك تعليقات: